روسيا وأوكرانيا تتبادلان الضربات عبر الحدود.. وبولندا تتحرك لتأمين مجالها الجوي
قالت أوكرانيا، الأحد، إن ستة أشخاص على الأقل أصيبوا في هجومين روسيين منفصلين استهدفا العاصمة الأوكرانية كييف وميكولايف جنوبي البلاد، حسب ما أعلن مسؤولون محليون وعسكريون.
وتأتي هذه التطورات بعد يوم من مصرع 19 شخصاً على الأقل بينهم تسعة أطفال، في هجوم عنيف على مدينة كريفي ريه، مسقط رأس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وتشهد المفاوضات بين موسكو وكييف التي تتوسط فيها الولايات المتحدة نوعاً من التعثر، وهو ما دفع حلفاء كييف الأوروبيين إلى التشكيك في مدى جدية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واتهموه بالمماطلة.
وسُجِّلت حرائق في ثلاث مناطق على الأقل من كييف، وفقاً لما ذكره عمدة المدينة فيتالي كليتشكو في منشور على تليجرام. وأضاف أن المسعفين نقلوا مدنيين اثنين إلى المستشفى في منطقة دارنيتسكي على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو الذي يقسم المدينة.
وقال فيتالي كيم، حاكم ميكولايف، على تطبيق تليجرام، إن الهجوم الأخير ألحق أضراراً بعدة منازل، وتسبب في اندلاع عدة حرائق.
ونشرت هيئة الطوارئ الحكومية الأوكرانية صوراً ومقاطع مصورة لرجال إطفاء يكافحون لإخماد الحرائق في أحد المنازل ليلاً.
ووسط هذه التطورات، أعلنت بولندا، العضو في حلف شمال الأطلسي، أن مقاتلات بولندية، ومن دول حليفة أقلعت في ساعة مبكرة من صباح الأحد لضمان سلامة المجال الجوي البولندي.
وقالت قيادة العمليات بالقوات المسلحة البولندية في منشور على منصة "إكس": "تهدف هذه الخطوات إلى ضمان الأمن في المناطق المجاورة للمناطق المعرضة للخطر".
مسقط رأس زيلينسكي
ويوم الجمعة، شنت روسيا هجوماً باستعمال الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على مدينة كريفي ريه الأوكرانية، مسقط رأس الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي.
وقال رئيس بلدية المدينة، أوليكساندر فيلكول، على تليجرام، إن الهجوم على المنطقة السكنية، ألحق أضراراً كبيرة بـ34 مبنى بالإضافة إلى متاجر ومرافق تجارية وسيارات.
وأصيب 68 شخصاً على الأقل في هذا الهجوم، نُقل 40 منهم إلى المستشفى، بعد أن تمكنت فرق الطوارئ من الانتهاء من عمليات الإنقاذ خلال الليل.
وعبر زيلينسكي عن خيبة أمله من رد فعل السفارة الأميركية على هذا الهجوم الصاروخي.
وكتب زيلينسكي، على منصة "إكس"، أن عدة سفارات في كييف نددت بهجوم، الجمعة، وحملت روسيا مسؤوليته. وأضاف أن الرسالة الصادرة عن السفارة الأميركية لم تتضمن أي إشارة إلى روسيا في التنديد بالهجوم.
وكتب زيلينسكي باللغة الإنجليزية: "لسوء الحظ، جاء رد فعل السفارة الأميركية مخيباً للآمال بشكل مفاجئ. دولة بمثل هذه القوة، وشعب بمثل هذه القوة، لكن رد الفعل ضعيف جداً". وأضاف "إنهم يخافون حتى من قول كلمة (روسي) عندما يتحدثون عن الصاروخ الذي قتل الأطفال".
وقبل ذلك، كان خمسة أشخاص على الأقل قد لقوا حتفهم، وجرح 34 آخرين في هجوم بطائرة بدون طيار على خاركيف في شمال شرق أوكرانيا.
وأعلنت الدفاعات الجوية الأوكرانية، إسقاط 51 طائرة مسيرة من أصل 92 طائرة خلال الليل، مع الإبلاغ عن أضرار في مناطق دنيبروبيتروفسك وكييف وجيتومير وسومي. وأشار زيلينسكي إلى أن طائرة روسية بدون طيار ضربت أيضاً محطة الطاقة الحرارية في خيرسون، الجمعة.
وقال زيلينسكي في منشور على منصة "إكس": "الروس يعرفون بالضبط ما الذي يضربونه. إنهم يعرفون أن هذه منشآت طاقة يجب حمايتها من الهجمات بموجب ما وعدت به روسيا نفسها للجانب الأميركي".
هجمات مضادة
وفي المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الأحد، أن أوكرانيا تواصل شن هجمات على البنية التحتية للطاقة الروسية، على الرغم من اتفاق لوقف الضربات مؤقتاً على منشآت الطاقة توسطت فيه الولايات المتحدة.
وقالت الوزارة إن القوات الأوكرانية نفَّذت 7 هجمات من هذا النوع خلال الساعات الـ24 الماضية في مناطق "القرم، وبريانسك، وروستوف، وفارونيش".
وأضافت أن الهجوم على منطقة فارونيش ألحق أضراراً بخط أنابيب لتوزيع الغاز. كما أعلنت في وقت سابق اعتراض 11 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل ودمرتها.
وأضافت الوزارة في منشور على تليجرام، أنه تم تدمير الطائرات المسيرة فوق منطقتي كورسك وبيلجورود الحدوديتين، وفوق منطقة روستوف جنوبي روسيا.
وقال يوري سليوسار، القائم بأعمال حاكم منطقة روستوف، إنه لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات في الهجوم، ولكن وردت أنباء عن سقوط حطام طائرة مسيرة على مبان إدارية في أحد أحياء المنطقة.
وكانت الوزارة قد أعلنت، السبت، إسقاط 49 طائرة مسيرة أوكرانية في 9 مناطق.
واستهدفت أوكرانيا منشأة إنتاج في سارانسك بمنطقة موردوفيا، على بُعد حوالي 700 كيلومتر من الحدود، حسبما صرّح حاكمها. وذكرت قناة "بازا" على تيلجرام أن الضربة استهدفت مصنعاً رئيسياً للألياف الضوئية، مما تسبب في اندلاع حريق.
وأضاف حاكم منطقة بيلجورود الروسية، أن خطوط الكهرباء تضررت في هجوم بطائرة بدون طيار.
وكذلك، أفاد حاكم منطقة سامارا الروسية، التي تبعد بحوالي 1000 كيلومتر عن حدود أوكرانيا، بأن منشأة صناعية لم يُحددها تعرضت لضربة بطائرات بدون طيار، مما تسبب في اندلاع حريق دون وقوع وفيات. وأظهرت منشورات غير مؤكدة على وسائل التواصل الاجتماعي سلسلة من الانفجارات في المنطقة.
وقال مصدر في جهاز الأمن الأوكراني لـ"رويترز"، في وقت لاحق، إن طائرات مسيرة أوكرانية قصفت منشأة لإنتاج المتفجرات في منطقة سامارا الروسية خلال ساعات الليل، واعتبر أن "هذه المنشآت أهداف عسكرية مشروعة تماماً".
وأضاف: "يواصل جهاز الأمن الأوكراني تنفيذ عمليات محددة الأهداف ضد المنشآت الروسية ضمن المجمع الصناعي العسكري، والتي تنتج أسلحة من أجل الحرب ضد أوكرانيا".
اتهامات غربية لروسيا
وفي خضم الضربات، ينتقد بعض حلفاء كييف الغربيين، روسيا بسبب "تباطؤها" في المفاوضات التي تديرها واشنطن.
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، في اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي "الناتو" في بروكسل، إن موسكو "تتذبذب" باستمرارها في توجيه الضربات إلى البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا على الرغم من الاتفاق الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي لوقف مثل هذه الهجمات.
كما اتهم وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بـ"مواصلة التعتيم والمماطلة".
وقال لامي: "يمكنه الآن قبول وقف إطلاق النار، فهو يواصل قصف أوكرانيا وإمدادات الطاقة، نراك يا فلاديمير بوتين، ونعرف ما تفعله".
بدورها قالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إن حديث بوتين عن المفاوضات "ليس سوى وعود جوفاء"، وإن الرئيس الروسي "يلعب على الوقت بطرح مطالب جديدة باستمرار".
وكان وزيرا خارجية كندا وإستونيا من بين المطالبين بتحديد جدول زمني لروسيا لقبول وقف إطلاق النار.
وصرح مسؤول كبير في الخارجية الأميركية، الأسبوع الماضي، بأنه لا يوجد بالضرورة إجماع على جدول زمني لزيادة الضغط على روسيا، ولكن هناك إقرار بأنه "كلما كان ذلك أسرع كان ذلك أفضل".
وأضاف: "كان هناك إجماع على ضرورة بذل روسيا المزيد من الجهود، وعلى ضرورة موافقتها على وقف إطلاق النار".
وصرّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب نهاية بأنه "غاضب للغاية" من بوتين. لكنه خَفَّف فيما بعد من انتقاداته، معرباً عن اعتقاده بأن الزعيم الروسي "سيفي بتعهداته في الاتفاق".
ونفى الكرملين تقارير إعلامية تفيد بأن بوتين وترمب يخططان لإجراء محادثة هاتفية خلال أيام.