"مجلس أوروبا" يضغط على تركيا في قضية إمام أوغلو وقمع الاحتجاجات
أجرى الأمين العام لـ«مجلس أوروبا»، ألان بيرسيه، مباحثات في أنقرة وسط أجواء متوترة، على خلفية اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، وجدل بشأن عملية الحوار مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، الهادفة إلى حل «الحزب» وإلقاء أسلحته.
والتقى بيرسيه، الثلاثاء، الرئيسَ التركي، رجب طيب إردوغان، بحضور وزير الخارجية، هاكان فيدان، ومستشار الرئيس التركي للشؤون الخارجية والأمنية، عاكف تشاغطاي كيليتش، بعد جلسة مباحثات مع فيدان بمقر «الخارجية» التركية، ركزت على العلاقات التركية - الأوروبية.
وجاءت زيارة بيرسيه تركيا بعد أيام قليلة من مشاركته في «منتدى أنطاليا الدبلوماسي» الرابع، الذي عقد جنوب تركيا في المدة من 11 إلى 13 أبريل (نيسان) الحالي، والذي أجرى على هامشه اجتماعات مع عدد من المسؤولين الدوليين، والتقى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
الاعتقالات وقمع الاحتجاجات
وعقب مشاركته في «المنتدى»، أعطى بيرسيه، في بيان مفصل بشأن الوضع في تركيا، إشارة إلى القضايا التي أُدرجت على جدول أعمال محادثاته في أنقرة، قائلاً إن «(مجلس أوروبا) يتابع من كثب التطورات في تركيا، خصوصاً اعتقال إمام أوغلو ورؤساء بلديات منتخبين آخرين»، وإن «هناك مزاعم بأن قوات إنفاذ القانون تستخدم القوة غير المتناسبة ضد الاحتجاجات التي انتشرت في جميع أنحاء البلاد».
وأضاف بيرسيه أنه بموجب «الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان»، فإنه يتعين على جميع الدول الأعضاء التزام حقوق حرية التعبير والتجمع السلمي والمحاكمة العادلة. ودعا إلى إجراء تحقيق في مزاعم الاستخدام غير المتناسب للقوة ضد المحتجين على اعتقال إمام أوغلو.
وكانت «الجمعية البرلمانية» لـ«مجلس أوروبا» الذي تعدّ تركيا أحد أعضائه المؤسسين، عقدت اجتماعاً طارئاً عقب اعتقال إمام أوغلو، منتقدة العملية القضائية ضد القادة المنتخبين، داعية تركيا إلى الامتثال لمبادئ «الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان».
وأطلق «مجلس أوروبا» ما تسمى «إجراءات انتهاك» في بداية عام 2022؛ بسبب رفض تركيا تنفيذ قرارات «المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان» بإطلاق رجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، وأحال الأمر إلى لجنة الوزراء، التي تعدّ جهازاً تنفيذياً.
وأعطت اللجنة الأولوية للحوار مع تركيا على مدى عامين، وأجّلت فرض العقوبات.
ويقبع كافالا بالسجن منذ عام 2017 في قضايا تتعلق باحتجاجات «غيزي بارك» التي وقعت عام 2013.
كما تقيّم لجنة وزراء «مجلس أوروبا» أيضاً عدم تنفيذ قرارات «المحكمة الأوروبية» بشأن الرئيسَين المشاركَين السابقَين لحزب «الشعوب الديمقراطية»، المؤيد للأكراد، صلاح الدين دميرطاش وفيجان يوكسيكداغ، المحتجزَين منذ 2017 لاتهامها بدعم الإرهاب.
تراشق بين أوزيل وبهشلي
وبالتزامن مع مباحثات بيرسيه، قال رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، إن «تحقيقات بشأن الفساد المزعوم في بلدية إسطنبول، لا تتضمن أي أدلة ملموسة، ولذلك لجأت سلطات التحقيق، بضغط من (المجلس العسكري) برئاسة إردوغان»، في إشارة إلى الحكومة، «الذي نفذ محاولة انقلاب فاشلة على الديمقراطية باعتقال مرشحنا للرئاسة، إمام أوغلو، في 19 مارس (آذار) الماضي، إلى شهود زور يجري إغراؤهم بالإفراج عنهم، بالاستفادة من (التوبة الفعالة)».
في المقابل، اتهم رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، الذي يعدّ حزبه الشريك الأساسي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، حزبَ «الشعب الجمهوري» بأنه أصبح «محوراً سياسياً خطيراً»، يمارس «معارضة متطرفة وفاسدة تخطط لوضع تركيا في موقف صعب، وإسقاط الدولة».
وأضاف أن «حزب (الشعب الجمهوري) يختبئ وراء طلاب الجامعات والمدارس الثانوية ويستفز الشوارع، ويدعو، دون خجل، إلى مقاطعة المؤسسات والشركات والمطاعم، ويستهدف الاقتصاد والمؤسسات الوطنية بالعداء، وأصبح، في الواقع، يشكل تهديداً واضحاً لتركيا».
ورداً على بهشلي، قال رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، إن «مهمتي هي تغيير هذه الحكومة التي تعمل كأنها مجلس عسكري، وإقرار النظام القانوني»
واستنكر بهشلي، في بيان الثلاثاء، نقاشات الانتخابات المبكرة، قائلاً إن «قرار حزب (الحركة القومية) و(تحالف الشعب) نهائي؛ ستُجرى الانتخابات في موعدها (عام 2028)، ولن تكون هناك تنازلات في هذا الشأن».
جاء ذلك بعدما أدلى الكاتب المقرب من بهشلي، ممتاز إرتركونه، بتصريحات، قال فيها إن إردوغان سوف يلغي «عملية الحل» (المفاوضات مع أوجلان التي انطلقت بمبادرة من بهشلي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي)، و«بعد ذلك سوف يقود بهشلي البلاد إلى انتخابات مبكرة».
وأضاف: «إذا جرت انتخابات وجاء حزب (الشعب الجمهوري) إلى السلطة، فإن القانون سيأتي تلقائياً... إذا لم يكن هناك بديل آخر لإنجاح (عملية الحل)، فإن بهشلي سيمهد الطريق لذلك».
الحوار مع أوجلان
وفي هذا الصدد، قال بهشلي إن «الخيار الأكبر منطقية وعدالة هو أن يعقد (حزب العمال الكردستاني) مؤتمره ويكمل عملية حل نفسه بناءً على (دعوة إيمرالي)، (السجن الموجود فيه عبد الله أوجلان جنوب بحر مرمرة غرب تركيا)، في 27 فبراير (شباط) الماضي، وأن يسلم أسلحته إلى جمهورية تركيا».
وزار وفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، المعروف بـ«وفد إيمرالي»، أوجلان لرابع مرة الاثنين.
وقالت نائبةُ رئيس الحزب عضوُ الوفد النائبةُ البرلمانية، بروين بولدان، إن الاجتماع مع أوجلان «استمر لمدة ساعتين ونصف، وكان مثمراً للغاية، والسيد أوجلان متفائل بشأن هذه العملية».
بدوره، قال المتحدث باسم حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، عمر تشيليك، في تصريحات عقب اجتماع المجلس التنفيذي للحزب برئاسة إردوغان ليل الاثنين - الثلاثاء: «قد تكون هناك تطورات جديدة هذا الشهر... كل هذه الزيارات تهدف إلى تحقيق هدف (تركيا خالية من الإرهاب)... إلقاءُ المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) أسلحتها سيكون نقطة تحول».