صوت نساء اليمن في وجه الفساد والتجاهل

د/ جمال الحميري

في مشهد يختزل سنوات من الألم والصبر، خرجت نساء تعز بالأمس، حراير اليمن، في مسيرات سلمية غاضبة جابت شوارع المدينة، ترفع رايات الكرامة وتصدح بهتافات تطالب بأبسط الحقوق: ماء، كهرباء، وعيش كريم. خرجن لا لأجل مطلب شخصي، بل لأجل كرامة وطن يُنهش من أطرافه، ويُدار من غرف الفنادق في الخارج بينما شعبه يتضور جوعًا وحرمانًا.

حملت المتظاهرات لافتاتٍ تندد بصمت الحكومة الشرعية التي فشلت – على مدار عقد كامل – في تقديم أي حلول ملموسة، بل شاركت في تعميق معاناة المواطن من خلال الفساد، العبث، وتغليب المصالح الخاصة على معاناة الشعب. وسارت النساء وهن يهتفن للعدالة، للكرامة، للوطن، في لحظة كسرت جدار الخوف والصبر الطويل.

ليست هذه المسيرة سوى امتداد لصرخة نساء عدن، ونساء لحج، ونساء اليمن عمومًا. صرخة تجاوزت الجوع والعطش، إلى المطالبة بالمحاسبة، والعدالة، والحياة.

خروج النساء اليوم، تأكيد على أن وجع المواطن تجاوز حدود التحمل، وأن الغضب الشعبي لم يعد حكرًا على الرجال، بل صار قضية مجتمعٍ بأكمله.

يا من تسكنون في فنادق العواصم البعيدة، وأنتم تنعمون بالكهرباء والماء والرواتب بالدولار، تذكروا أن في تعز ولحج وعدن وبقية المحافظات أطفالًا لا يجدون ماءً ولا رغيفًا يسد الجوع. تذكروا أن من تصفونهم بـ"الشعب" يعيشون كل يوم في صراع مع الحياة من أجل البقاء، بينما أنتم تغرقون في صمتكم، وغفلتكم، ومكاسبكم.

نساء تعز اليوم لسن مجرد متظاهرات… إنهن نبض شعب، وصوت أمة، وإنذار أخير بأن السكوت لم يعد خيارًا. ولن تسقط هذه الصرخة في الفراغ، فالوطن الذي تُنقذه النساء، لا يُهزم.