في تطور لافت.. واشنطن تعطي الضوء الأخضر لضم مقاتلين أجانب إلى الجيش السوري
الرئيس السوري أحمد الشرع والمبعوث الأميركي إلى سوريا توماس براك (رويترز)
قال توماس براك، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سوريا، إن الولايات المتحدة وافقت على خطة طرحتها القيادة السورية الجديدة للسماح لآلاف من المقاتلين الأجانب، الذين كانوا في السابق ضمن المعارضة، بالانضمام إلى الجيش الوطني، شريطة أن يحدث ذلك بشفافية.
وذكر 3 مسؤولين دفاعيين سوريين أن الخطة تنص على انضمام نحو 3500 مقاتل أجنبي، معظمهم من الإيغور من الصين والدول المجاورة، إلى وحدة مشكلة حديثاً، وهي «الفرقة 84» من الجيش السوري، والتي ستضم سوريين أيضاً.

سيارة شرطة تابعة للحكومة السورية الجديدة تعبر شارعاً بجوار «مسجد الساحة» في تدمر وسط سوريا يوم 7 فبراير 2025 (أ.ف.ب)
ورداً على سؤال من «رويترز» في دمشق عما إذا كانت واشنطن وافقت على دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري الجديد، قال براك، الذي يشغل أيضاً منصب السفير الأميركي لدى تركيا: «أعتقد أن هناك تفاهماً وشفافية».
وأضاف أنه من الأفضل إبقاء هؤلاء المتشددين ضمن مشروع للدولة بدلاً من إقصائهم، ووصف كثيرين منهم بأنهم «مخلصون للغاية» للإدارة السورية الجديدة.
وكان مصير الأجانب، الذين انضموا إلى «هيئة تحرير الشام» خلال الحرب التي استمرت 13 عاماً بين المعارضة والرئيس السابق بشار الأسد، من أكبر القضايا الشائكة التي تعوق التقارب مع الغرب منذ أطاحت «الهيئة»، وهي فرع سابق لتنظيم «القاعدة»، بالأسد، واستولت على السلطة العام الماضي.
وكانت الولايات المتحدة حتى مطلع مايو (أيار) الماضي على الأقل تطالب القيادة الجديدة باستبعاد المقاتلين الأجانب من قوات الأمن.

عنصران من الشرطة في سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)
لكن نهج واشنطن تجاه سوريا شهد تغيراً كبيراً منذ جولة ترمب في الشرق الأوسط الشهر الماضي. ووافق ترمب خلال هذه الجولة على رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عهد الأسد، والتقى الرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض، وعيّن براك مبعوثاً خاصاً له.
وقال مصدران مقربان من وزارة الدفاع السورية لـ«رويترز» إن الشرع والمقربين منه حاولوا إقناع محاورين غربيين بأن ضم المقاتلين الأجانب إلى الجيش سيكون أقل خطورة على الأمن من التخلي عنهم، الأمر الذي قد يدفع بهم إلى الانضمام مجدداً إلى تنظيمَي «القاعدة» أو «داعش».
وانضم آلاف الأجانب لجماعات معارضة سورية مسلحة منذ مرحلة مبكرة في الحرب الأهلية التي دارت على مدى 13 عاماً بهدف القتال ضد الأسد الذي تلقى بدوره مساعدة من جماعات مسلحة مدعومة من إيران. وشكل بعض المقاتلين جماعاتهم الخاصة، بينما انضم آخرون لجماعات قائمة بالفعل مثل تنظيم «داعش».
وأعلن ذلك التنظيم قيام دولة «خلافة» على مساحات شاسعة من سوريا والعراق من قبل لفترة قبل أن تلحق به الهزيمة قوات تدعمها الولايات المتحدة، وأخرى تدعمها إيران.
واكتسب المقاتلون الأجانب داخل «هيئة تحرير الشام» سمعة باتسامهم بالولاء والانضباط والخبرة العسكرية، وشكلوا العمود الفقري لوحدات النخبة في الجماعة. وحاربوا ضد تنظيم «داعش»، وضد فروع من تنظيم «القاعدة» اعتباراً من 2016 عندما نأت الجماعة بنفسها عن تنظيم «القاعدة» الذي أسسه أسامة بن لادن. والمقاتلون الإيغور من الصين ووسط آسيا هم أعضاء في «الحزب الإسلامي التركستاني» وهو جماعة تصنفها بكين على أنها إرهابية.
وقال مسؤول سوري ودبلوماسي أجنبي إن الصين سعت لتحجيم نفوذ تلك الجماعة في سوريا. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: «الصين تأمل في أن سوريا ستعارض كل أشكال قوى الإرهاب والتطرف استجابة لمخاوف المجتمع الدولي».

عناصر من الجيش السوري (أ.ف.ب)
وقال عثمان بوغرا وهو مسؤول سياسي في «الحزب الإسلامي التركستاني» لـ«رويترز» في بيان مكتوب إن الجماعة حلت نفسها رسمياً، واندمجت في الجيش السوري. وقال إن الجماعة تعمل حالياً بالكامل تحت سلطة وزارة الدفاع، وتلتزم بالسياسة المتبعة في البلاد، وتحافظ على عدم الارتباط بأي كيانات أو جماعات خارجية.
وفي ديسمبر (كانون الأول)، تسبب تعيين عدد قليل من المتشددين الأجانب السابقين، الذين كانوا من أبرز قيادات «هيئة تحرير الشام»، في مناصب عسكرية بارزة في إثارة قلق حكومات غربية، مما زاد من المخاوف المتعلقة بتوجهات القيادة الجديدة لسوريا.
وظلت مسألة المطالبة بتجميد تلك التعيينات وطرد المقاتلين الأجانب من النقاط الأساسية الحساسة مع واشنطن ودول غربية أخرى لحين الاجتماع المهم الذي جمع بين ترامب والشرع.
وقال الشرع إن المقاتلين الأجانب وأسرهم قد يحصلون على الجنسية السورية لدورهم في محاربة الأسد.
وقال عباس شريفة، وهو خبير في الجماعات المتشددة من مقره في دمشق، إن المقاتلين الذين جرى ضمهم للجيش أظهروا الولاء لقيادة سوريا، وخضعوا لما وصفه بتنقيح أيديولوجي. لكنه تابع قائلاً إنهم قد يصبحون فريسة سهلة لتنظيم «داعش» وجماعات متطرفة أخرى في حال التخلي عنهم.